في قلب القاهرة الصاخب، وبعيداً عن التدفق البطيء والحنون لنهر النيل، تتكشف قصة هادئة وعميقة في آن واحد من خلال عدسة المصورة الفوتوغرافية كوكلا رفعت. لا يقدم معرضها ”أولاد النيل“، الذي كُشف النقاب عنه خلال نسخة 2025 من أسبوع القاهرة للتصوير الفوتوغرافي للمشاهدين تجربة تصوير فوتوغرافي فحسب، بل دعوة للتأمل في الهوية والطفولة والمرونة والعلاقة المقدسة بين الناس والمكان. على خلفية الحياة النهرية النابضة بالحياة في أسوان، يلتقط ”أولاد النيل“ تقليدًا محليًا فريدًا ينبض بالبراءة والبراعة في آن واحد. نستكشف في هذه المقالة هذا المشروع والأفكار الكامنة وراءه.
عرض النقاط الرئيسية
أقيم هذا الأسبوع في الفترة من 6 إلى 18 مايو / أيار 2025 في حي القاهرة للتصميم، وقد عرض نسيجاً ثرياً من المواهب العالمية والمحلية، حيث ضمّ أكثر من 20 معرضاً من مؤسسات مرموقة مثل وورلد برس فوتو وفوغ وناشيونال جيوغرافيك. يهدف الحدث إلى تعزيز التبادل الحيوي للأفكار والتقنيات بين المصورين الفوتوغرافيين في جميع أنحاء العالم من خلال أكثر من 100 نقاش وورش عمل وعروض حية. من بين الدول المشاركة هولندا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وسويسرا والدنمارك، إلى جانب دعم من المجلس الثقافي البريطاني والاتحاد الأوروبي.
قراءة مقترحة
ويتماشى معرض ”أولاد النيل“ الذي الذي تشرف عليه المصورة الفوتوغرافية كوكلا رفعت، والذي نظمته مؤسسة فوتوبيا تحت رعاية وزارة السياحة والآثار، وهيئة تنشيط السياحة ووزارة الثقافة، مع المهمة الأوسع لأسبوع القاهرة للتصوير الفوتوغرافي للاحتفاء بالتعبيرات الفوتوغرافية المتنوعة وتعزيز الحوار الثقافي.
يقدّم المعرض سردًا بصريًا مؤثرًا لثقافة أسوان النهرية، ويلتقط الحياة اليومية للأطفال المحليين الذين يتزلجون عبر النيل على ألواح تزلج مؤقتة على النهر، ويغنون للركاب على متن القوارب المارة، وهو تقليد فريد من نوعه يتشابك فيه الترفيه والبقاء على قيد الحياة والهوية الثقافية.
أولاد النيل يركبون الأمواج
لا يقتصر المعرض على عرض البراعة الفنية لرفعت فحسب، بل يعمل أيضًا كمنصة لإيصال أصوات وقصص المجتمعات المهمشة، ما يعزز دور التصوير الفوتوغرافي كأداة قوية للتوعية الاجتماعية والتغيير. ويتخطى عملها مجرد التوثيق، فهو يتعمق في جوهر تجارب هؤلاء الأطفال، مسلطاً الضوء على صمودهم وحيوية مجتمعهم. من خلال التركيز على هذه الممارسة، يسلط المعرض الضوء على جانب من ثقافة أسوان لا يزال غير مرئي إلى حد كبير من قبل الجمهور الأوسع، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على هذه التقاليد وفهمها.
في قلب مشروع ”أولاد النيل“ صورة صبية صغار يتزلجون على سطح النيل، متوازنين على ألواح من الرغوة أو الخشب المصممة على شكل ألواح تزلج مؤقتة. يركب هؤلاء الأطفال - حفاة الأقدام، لا يخافون ولا يهابون - على ألواح التزلج على الماء إلى جانب السفن السياحية والمراكب الشراعية وينادون على السياح بالضحك أو الأغاني أو الغطس البهلواني.
لكن لحظات الفرح هذه ليست مجرد ألعاب. إنها رقصة بين لعب الطفولة والضرورة الاقتصادية.
تلتقط رفعت الفوارق الدقيقة في هذه التفاعلات العابرة، الابتسامات التي تحمل حكايات، والنظرات التي تلمح إلى الأمل أو التعب. يصبح الماء ملعبًا ومسرحًا في آنٍ واحد. عدستها تكرم الأشخاص، ولا تعاملهم كفضوليين أو ضحايا، بل كممثلين صغار يشكلون عالمهم الخاص أمام زرقة النيل المتموجة.
النيل ليس مجرد مكان في هذه الصور، بل هو شخصية حية. تعود علاقة أسوان بالنهر إلى آلاف السنين، وبالنسبة لأبناء النيل، الماء هو الحرية والفرصة والبقاء على قيد الحياة.
من خلال هذه الإطارات، تذكّرنا رفعت بأن النيل أكثر من مجرد وجهة سياحية أو معلم تاريخي. إنه مستديم للحياة وشاهد صامت على أجيال من التكيف. تفاعلات الأطفال مع النهر هي تعبير عن كيفية تطور المجتمعات مع بيئتهم، وتحويل أبسط العناصر - الرغوة والماء والصوت - إلى فن واقتصاد.
النيل شريان حياة مصر وأسوان منذ القدم
”أولاد النيل“ هم أيضاً مؤدون في مسرحية اجتماعية اقتصادية. إن طرائفهم وأغانيهم - التي يلقونها باللغة الإنجليزية أو العربية أو أي لغة تلقى صدى لدى جمهورهم - هي متعة عفوية ومصدر رزق استراتيجي في آن واحد.
تثير هذه الازدواجية أسئلة خفية:
عند أي نقطة يصبح اللعب عملاً؟
كيف يتنقل الأطفال بين البراءة والبقاء على قيد الحياة؟
ماذا يعني أن تكون مرئيًا ولكن لا صوت لك؟
لا تجيب رفعت عن هذه الأسئلة بشكل مباشر، لكن عملها يحث المشاهدين على التفكير فيها، وتدعوهم إلى التعاطف والتأمل.
متى يصبح العمل لعبًا
”أولاد النيل“ ليس مجرد معرض وثائقي. فهو يقع عند تقاطع التصوير الصحفي والفن التشكيلي والتعليق الاجتماعي. وهو يعكس مهمة أسبوع القاهرة للتصوير الفوتوغرافي الأوسع نطاقاً في استخدام التصوير الفوتوغرافي كأداة لـلحوار الاجتماعي، وتمكين المجتمعات المهمشة، وإحياء الروايات المنسية أو المهملة.
يدعو المعرض الجمهور الحضري - الذي ربما لم يسافر العديد منهم إلى أسوان أو لم يشاهدوا النيل خارج إطاره السياحي - إلى مواجهة واقع الحياة على طول الحدود الجنوبية لمصر.
”أولاد النيل“ هو احتفال بالمرونة والإبداع والرابطة الأبدية بين الناس وبيئتهم. من خلال عيون كوكلا رفعت، يصبح ما يمكن اعتباره مشهدًا عابرًا شهادة دائمة - شهادة تلتقط روح شباب أسوان، وصدى المياه القديمة، وجمال البقاء على قيد الحياة من خلال التعبير عن الذات.
وبينما يتصفح المشاهدون الصور، لا يصبحون مجرد متفرجين؛ بل يصبحون جزءًا من التيار. وفي تلك اللحظة، يركبون النيل - ليس كسائحين، ولكن كشهود على ثقافة حية تتنفس في حركة ديناميكية لافتة.
كيف "تتسرب" الطاقة من الثقوب السوداء؟ العلماء يقدمون تفسيرًا جديدًا للإجابة
الصويرة: مدينة الرياح بالمغرب
7 عبارات يميل الأشخاص المملون إلى استخدامها في المحادثات
إذا مشيت 10000 خطوة يوميًا، فإن هذه الحيلة البسيطة تزيد من الفوائد الصحية، وفقًا لعالم التمارين الرياضية
كتف خروف مطهو ببطء لوجبة رمضانية فاخرة: استكشاف طهي وثقافي
السياحة في مدينة الجزائر (الجزائر البيضاء): مزيج حيوي بين الحداثة والتقاليد
أسرة محمد علي: آخر أسرة ملكية ألبانية في مصر
تطبيقات الواقع الصوتي: عندما يُسمَع المحتوى بدل قراءته
أصيلة: المدينة الهادئة بأزقتها الفنية وأسوارها التاريخية
٢٥ فكرة لدخل سلبي لكسب أموال إضافية في ٢٠٢٥