button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

يتعلم الأطفال اللغة في وقت أبكر بكثير مما كنا نعتقد

ADVERTISEMENT

يتعلم الأطفال الكلام بتقليد الأصوات والكلمات التي يسمعونها، إن تشجيع التفاعل، وتوفير بيئة محفزة، واستخدام أنماط لغوية متسقة، كلها عوامل تساعد الأطفال على تطوير مهاراتهم اللغوية. يشبه الأطفال محققين صغارًا، يجمعون باستمرار أدلةً حول العالم من حولهم. إذا لاحظتِ يومًا أن طفلكِ يحدق بكِ أثناء حديثكِ، فذلك لأنه لا يلتقط الأصوات فحسب، بل يتعلم كيفية تكوينها. تُظهر الدراسة الحديثة، المنشورة في مجلة ديفيلوبمنتال ساينس، أن هذه العملية المذهلة تبدأ في عمر أربعة أشهر، مما يُبدد الاعتقاد السائد بأن الأطفال لا يتعلمون هذه الأنماط إلا بعد استيعاب لغتهم الأم بين عمر 6 و12 شهرًا. كما أنها تمنحنا فرصةً مبكرةً لمساعدة الأطفال المعرضين لخطر تأخر الكلام أو اللغة.

صورة بواسطة Anna Mysłowska-Kiczek على unsplash
ADVERTISEMENT

فرز مجموعة من الأصوات

بحلول عيد ميلادهم الأول، يكون الأطفال قد بدأوا بالفعل في ضبط آذانهم على أصوات لغتهم الأم في عملية تُسمى التناغم الإدراكي. تخيل الأمر كما لو أن دماغهم يفرز مجموعة من الأصوات للتركيز على الأصوات الأكثر أهمية. لكن في الأشهر الستة الأولى، يستطيع الأطفال التمييز بين الأصوات واللغات التي لم يسمعوا بها من قبل. على سبيل المثال، قد يميزون بعض التباينات في اللغة الهندية التي يصعب على الناطقين باللغة الإنجليزية البالغين سماعها، أو قد يحددون نغمات فريدة في لغة الماندرين، حتى لو كانوا يكبرون في منزل يتحدث الإنجليزية. هذه القدرة المذهلة لا تدوم إلى الأبد. بين عمر ستة أشهر واثني عشر شهرًا، يبدأ الأطفال في تضييق نطاق تركيزهم على الأصوات التي يسمعونها غالبًا. بالنسبة للحروف المتحركة، يبدأ هذا الضبط الدقيق في حوالي عمر ستة أشهر، بينما تتبعه الحروف الساكنة في عمر يقارب عشرة أشهر. تخيل الأمر كما لو أن الأطفال يركزون على الأصوات المهمة، مثل الفرق بين حرفي "r" و"l" في اللغة الإنجليزية، مع فقدان حساسيتهم للأصوات التي لا يسمعونها بانتظام. حتى الآن، اعتقد الباحثون أن عملية التضييق هذه ضرورية للأطفال لبدء تعلم مهارات لغوية أكثر تعقيدًا، مثل معرفة أن حرف "b" في كلمة "bin" وحرف "d" في كلمة "din" يختلفان لأن أحدهما يُصنع بالشفاه والآخر بطرف اللسان. لكن الدراسة وجدت أن الأطفال في عمر أربعة أشهر يتعلمون بالفعل كيفية تكوين الأصوات جسديًا، قبل وقت طويل من بدء هذا التضييق.

ADVERTISEMENT
صورة بواسطة Helena Lopes على unsplash

تعلم لغات مصغرة

إليك مثال لتوضيح ذلك. تخيل أنك تستمع إلى شخص يتحدث بلغة لا تعرفها. فحتى لو لم تفهم الكلمات، فقد تلاحظ كيف تتحرك شفتاه أو لسانه لإصدار الأصوات. يمكن للأطفال في عمر أربعة أشهر القيام بذلك أيضًا. لإثبات ذلك، أجريت تجربة على 34 طفلًا، تتراوح أعمارهم بين أربعة وستة أشهر، وافق آباؤهم على المشاركة. ابتكرت لعبة "مطابقة الأنماط" باستخدام لغتين مصغرتين من ابتكارهم. استخدمت إحدى اللغتين كلماتٍ بأصوات شفاه مثل "b" و"v"، بينما استخدمت الأخرى أصوات أطراف اللسان مثل "d" و"z". اقترنت كل كلمة، مثل "bivawo" أو "dizalo"، بصورة كرتونية - قنديل بحر لكلمات الشفاه وسلطعون لكلمات أطراف اللسان. شُغّل تسجيل صوتي للكلمة في نفس وقت عرض صورتها المقترنة. لماذا الرسوم الكرتونية؟ لأن الأطفال لا يستطيعون إخبارنا بما يفكرون فيه بدقة، لكنهم قادرون على تكوين روابط في أدمغتهم. ساعدتنا هذه الصور في معرفة ما إذا كان الأطفال يستطيعون ربط كل لغة مصغّرة بالصورة الصحيحة. بعد أن تعلم الأطفال هذه اللغات المصغّرة وصورها المقترنة، قام الباحثون بخلطها. بدلاً من سماع الكلمات، شاهدوا مقاطع فيديو صامتة لوجه شخص ينطق بكلمات جديدة من نفس اللغات المصغّرة. في بعض المقاطع، تطابق الوجه مع الصورة الكرتونية التي تعلموها سابقًا. وفي مقاطع أخرى، لم يتطابق. ثم تتبعوا مدة مشاهدة الأطفال للفيديوهات - وهي طريقة شائعة يستخدمها الباحثون لمعرفة ما يجذب انتباههم. يميل الأطفال إلى النظر لفترة أطول إلى الأشياء التي تفاجئهم أو تثير اهتمامهم، ونظرًا أقصر إلى الأشياء التي يجدونها مألوفة، مما يساعدنا على فهم كيفية معالجتهم لما يرونه والتعرف عليه. كانت النتائج واضحة: نظر الأطفال لفترة أطول بكثير إلى الفيديوهات التي تطابق فيها الوجه مع ما تعلموه. أظهر هذا أنهم لم يكونوا يستمعون سلبيًا في وقت سابق فحسب، بل كانوا يتعلمون بنشاط قواعد اللغات الصغيرة ويربطون تلك المعرفة بما رأوه. تضمنت التجربة ربط كلمات معينة بصورة كرتونية لقنديل بحر وسرطان البحر.

ADVERTISEMENT
صورة بواسطة Go to Jelleke Vanooteghem على unsplash

ربط النقاط

بعبارات بسيطة، هذا يعني أن الأطفال في عمر أربعة أشهر يمكنهم ربط النقاط بين الصوت والبصر. هذه القدرة المبكرة على تحديد أنماط كيفية إصدار الأصوات هي أساس تعلم اللغة لاحقًا. يبدو الأمر كما لو أن أدمغتهم تُمهّد الطريق لنطق كلماتهم الأولى. يُغيّر هذا الاكتشاف ما كنا نعتقد أننا نعرفه عن تعلم الأطفال المبكر للغة. تشير هذه الدراسة إلى أن الأطفال يبدأون بفهم الأنماط في عمر أربعة أشهر، قبل وقت طويل من بدء انسجامهم الإدراكي مع أصوات لغتهم الأم بين عمر ستة أشهر واثني عشر شهرًا. هذا يفتح آفاقًا جديدة ومثيرة لمساعدة الأطفال الذين قد يواجهون صعوبات في الكلام أو اللغة. إذا استطعنا المساعدة في وقت مبكر، فقد نُحدث فرقًا كبيرًا. هذه النتائج تثير العديد من الأسئلة المثيرة للاهتمام. على سبيل المثال، هل يمكن للأطفال تعلم اختلافات أخرى مثل التعبير الصوتي - سواء كان الصوت مصحوبًا باهتزاز طنين، مثل الفرق بين حرفي "ب" (طنين) و"ب" (بدون طنين) - في عمر مبكر يصل إلى أربعة أشهر؟ كيف تؤثر النشأة في منزل ثنائي اللغة على هذه القدرة؟ هل يمكن للأطفال استخدام هذه المهارة لتعلم أنماط بلغات جديدة تمامًا؟ من خلال استكشاف هذه الأسئلة، سنواصل اكتشاف الطرق المذهلة التي تُهيئ بها أدمغة الأطفال الطريق لتعلم إحدى أكثر المهارات البشرية تعقيدًا: اللغة.

toTop