button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

موائد المجالس: طقوس الكرم الإماراتي من الصحن الأول إلى القهوة

ADVERTISEMENT

في قلب الإمارات، يحتل مجلس الضيافة مكانةً خاصة بين أفراد المجتمع. ليس هذا المكان مجرد زاوية للتجمع، بل هو فضاءٌ زاخرٌ بالتراث وقيم الكرم، حيث يُستقبل الضيف بترحابٍ يفوق الوصف، ويُعامل معاملةُ الملك قبل وطأة الأحذية على عتبته.

استقبال الضيف- البداية بالخبز والصحن الأول

ما إن يطرق الضيف باب المجلس، حتى يمدّه المضياف بصحنٍ أولٍ من الخبز الطازج – غالبًا خبز الرقاق أو الخميس – مرفقًا بلمسة من السمن البلدي. هذا الفعل ليس مجرد وجبة خفيفة، بل إعلانٌ واضح بأن صاحب البيت يضع راحة الزائر على رأس أولوياته.

تناوب الأطباق- قصصٌ تُروى على المائدة

عند انتهاء الضيف من الصحن الأول، يبدأ المضياف في تقديم أطباقٍ رئيسية متنوعة: من اللحم المشوي (الجريل) إلى الهريس واليخنة. في كل طبقٍ يروي المضياف قصة الصحراء، وصبر المواشي في المراعي، وحكايات القافلة التي كانت تحمل من اللحم أربابها طوال الرحلة.

ADVERTISEMENT

دور الأرز والأسماك في المائدة الساحلية

في المناطق القريبة من الساحل، يضاف إلى الأطباق الأساسية قدراً من الأرز المطهو على نار هادئة مع قطعٍ من السمك الطازج أو الجمبري. يرمز هذا التنوع إلى وفرة البحر وبركة الرزق، ويؤكّد حرص المضيف على تقديم أجود ما لديه من ثمرات الوطن.

ارتباط الخبز بالمشاعر وأهمية القِدْر

خلال تجهيز الطعام، يلتفت الحاضرون إلى قدْر الطهي وهو آنية الفخار الكبيرة التي تُطهى فيها الأطباق التقليدية. في هذا القدر يتجلّى سرّ نضج النكهات مع الحفاظ على دفء الطعام لساعات طوال، ما يعكس رغبة المضياف في ألا يشعر ضيفه بالجوع مهما طال الزمان.

طقوس التقديم- لغة الاحترام

يعتمد الإماراتيون في تقديم الأطباق على ترتيب مخصوص، يعكس الرتبة الاجتماعية للضيف والمناسبة. ومن أبرز قواعد الإتيكيت:

  • تنظيف اليدين واستعمال المناديل القطنية.
ADVERTISEMENT
  • الجلوس بتؤدة والابتسامة الصافية.
  • تجنّب التسرّع في الأكل وإظهار الشغف.
  • شكر المضياف قبل البدء وبعد الانتهاء.

الحديث بين الأطباق- بناء العلاقات

لا تقتصر الجلسة على الطعام فحسب، بل تتخللها أحاديثٌ عن شؤون الحياة اليومية، والسياسة المحلية، وقصص الأجداد. يبنى الحوار على التقدير المتبادل، ويُمنح كل مشارك فسحة للتعبير عن رأيه، فتتوطّد الصداقات وتتعزز أواصر الثقة.

ختام المائدة- فنجان القهوة العربية

بعد أن تكتمل الوفرة وينضج الحماس، يأتي دور ختام الاحتفاء بالقهوة العربية. يُحمّص البن محليًا، ثم يُطحن و يُغلى في دبّة نحاسية مع الهيل. يُقدّم الفنجان الصغير في صينية معدنية إلى كل ضيف، مصحوبًا بتمر صغير. هي لحظة تكريم أخيرة تبعث الدفء في القلوب وتعلن نهاية طقوس الضيافة.

الخلاصة: ضيافة تحمل عبق التاريخ

موائد المجالس في الإمارات ليست مجرد طعامٍ يُقدّم، بل نسيجٌ من القيم والعادات التي تربط الحاضر بالماضي، وتذكّر الجميع بأصالة الكرم الإماراتي. من الصحن الأول إلى القهوة العربية، تتوالى اللحظات التي تخلّدها الذاكرة، فتؤشر بأن أجمل الهدايا هي دفء الاستقبال وروح المشاركة.

toTop